الأربعاء، 11 أبريل 2012

العنقــــاء



العنقاء طائر خرافي عربي يقال انه بحجم النسر، وهو كائن معمّر إذ تذكر بعض المصادر انه يعيش حوالي 500 – 1000 عام..
وتقول الأساطير القديمة إن العنقاء عندما تقترب ساعة موته يعمد إلى إقامة عشّه من أغصان أشجار التوابل ومن ثم يضرم في العش النار التي يحترق هو في لهيبها.

وبعد مرور ثلاثة أيام على عملية الانتحار تلك ينهض من بين الرماد طائر عنقاء جديد.
وتربط الأساطير الفرعونية القديمة العنقاء بالتوق إلى الخلود وهي الفكرة المهيمنة في الحضارة المصرية القديمة.

وفي القرن الأول الميلادي كان كليمنت الروماني أول من ترجم أسطورة العنقاء كرمز لفكرة البعث بعد الموت.
وكانت العنقاء رمزا لمدينة روما العصيّة على الموت، وقد ظهر الطائر على عملاتها المعدنية رمزا للمدينة الأبدية.
وفي الميثولوجيا الصينية ظلّت العنقاء دائما رمزا للفضيلة والإباء والقوّة والرخاء. وكان ارتداء مجوهرات عليها نقش العنقاء دليلا على حبّ لابسها للفضيلة والقيم الأخلاقية العليا.
كما كان العنقاء الذكر رمزا للسعادة والأنثى رمزا للإمبراطورة، مقابل التنين الذي كان رمزا للإمبراطور. وكان العنقاء، ذكرا وأنثى معا، رمزا للزواج السعيد.
واسطورة العنقاء شائعة في بلاد مصر واليونان والحضارات الشرقية بشكل عام.

يقول المؤرّخ الروماني هيرودوت في كتابه التاريخ: "لدى العرب طائر مقدّس هو العنقاء لكني لم أره أبدا باستثناء بعض الرسومات له. والطائر نادر الوجود حتى في مصر، وطبقا للروايات التي سمعتها من بعض المصريين فإنه يأتي مرّة كل خمسمائة عام ويقيم زمنا في معبد الشمس".
وقد أخذت العنقاء اسمها Phoenix اشتقاقا من كلمة Phenicieus اليونانية وتعني اللون الأرجواني الذي يتميّز به الطائر.


واصبح طائر العنقاء يرمز في ثقافات العالم إلى النبل والتفرّد كما انه يمثل الرقّة فهو لا يسحق أي شئ يدوسه كما انه لا يأكل لحم غيره من الكائنات الحية. وحتى في عملية تدميره لنفسه فإنه لا يؤذي أحدا. كما انه ينفرد بخاصية الإخصاب الذاتي، أي انه لا يتوالد بيولوجيا وانما يتخلق عنقاء جديد من رماد العنقاء المحترق.

وطبقا للأساطير فإن العنقاء تعيش بجانب الآبار الباردة وتستحم بمياهها وتنشد موسيقى عذبة لاقناع اله الشمس بالاستماع إليها!
وبعد أن تنهض العنقاء الجديدة من بين الرماد فإن أول ما تقوم به هو تحنيط رماد سابقتها ومن ثم حمل الرماد إلى مدينة الشمس.
إن العنقاء بمعنى ما صورة للنار الخلاقة والمدمّرة التي بدأ منها العالم وبها سينتهي.


وكان العرب يعتقدون أن المكان الوحيد على الأرض الذي يمكن أن يقيم فيه طائر العنقاء كان قمّة جبل كاف الذي يعتبرونه مركز الأرض.
وأيا ما كان الأمر فإن العنقاء المصرية المسمّاة بينو كانت مرتبطة بدورة الشمس وبوقت فيضان النيل، ومن هنا تأتي علاقتها بفكرة التجدّد والحياة.
وموطن العنقاء الأصلي هو الجنّة: ارض من جمال لا تحدّه حدود ولا يتصوّره عقل.
في الجنة لا أحد يموت. وهنا تكمن معضلة هذا الطائر الغريب!
فبعد أن يعيش ألف عام يصبح واقعا تحت عبء الشيخوخة ووهنها المضني، ثم يأتي الوقت الذي يتعيّن عليه فيه أن يموت.


وهنا يشقّ طريقه نحو عالم الموتى فيطير باتجاه الغرب وعبر غابات بورما وسهول الهند إلى أن يصل إلى الجزيرة العربية حيث غابات التوابل والنباتات العطرية.
وبعد أن يقوم بجمع بعض الأعشاب العطرية يواصل طيرانه باتجاه ساحل فينيقيا السوري.
هناك فوق إحدى أشجار النخيل السامقة يقيم عشّه وينتظر بزوغ الفجر التالي الذي سيعلن موته !

ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

ضع تعليقك هنا

هل تهتم بأعمالنا وخدماتنا؟
الحصول على المزيد من أعمالنا !